المغربية أنفو
يونس أقبو
في ظلّ التحديات التي يعيشها المغرب، يبرز القرار الملكي بمنع ذبح أضاحي العيد كخطوةٍ تستوجب الاحترام والتفهّم، خاصةً في سياق مكافحة الفوضى التي تُهدّد استقرار المواطن، حيث تُحاول السلطة تحصين المجتمع من تداعيات “شناقة” الفوضويين الذين يستغلون الفرص لزعزعة الأمن. فالقرار، وإن بدا صادماً للعادات، إلا أنه ينبع من رؤيةٍ تحمل في طياتها حرصاً على المصلحة العامة، وربما حمايةً لقطاع الماشية من أزماتٍ طالت إمداداته.
لكنّ الاحترام الواجب للقرار الملكي لا يجب أن يُغطّي على فشلٍ حكوميٍ متجذّرٍ في إدارة الملفات الحيوية. فحكومة “أخنوش” تُواصل إغراق المواطن في دوامة الغلاء، حيث تتحوّل سياساتها الانتهازية إلى سِياطٍ تُذيق الشعب مرارة العوز. فبينما يُنشَرُ في الصحف “تمجيدٌ” لقرارٍ يمنع إراقة دم الأضحية، تُراقُ دماءُ جيوب المغاربة تحت سِياط “سياساتٍ انتهازية” يتبارى فيها حزبُ “التجمع الوطني للاحرار” في إتقان فنون التضحية بالشعب! فها هو الحزبُ الذي حوَّلَ “البيعةَ للعرش” إلى “بيعةٍ للغلاء”، يَزهو اليومَ بمنع ذبح بهيمة العيد، وكأنَّ المواطنَ المُثقلَ بفاتورةِ “الزيت والسكر” لم يعدْ يجدُ ما يَذبحُه سوى صبرِه! يا لَعظمةِ “الرؤية الإستراتيجية” التي تجعلُ من أزمةِ الماشية ذريعةً لسترِ فشلٍ مزمنٍ في إدارةِ اقتصادٍ يئنُّ تحت وطأةِ “الاحرار”! فَلْيَفرحِ الشعبُ.. فلعلَّ قرارَ “عدم الذبح” يكونُ البدايةَ لوقفِ نزيفِ ذَبْحِ كرامتِه يومياً!
إن السخرية المُرّة هنا ليست من القرار الملكي، بل من انفصال النخبة الحاكمة عن هموم الشعب. فالحكومة التي فشلت في كبح جماح الأسعار، وتركت المواطن يُقاسي وطأة “التضخم الأسود”، تتباهى اليوم بإجراءاتٍ تُحوّل الأنظار عن جوهر الأزمة. فالمغاربة لا يحتاجون إلى قراراتٍ رمزيةٍ تُسكّتُ انتقاداتهم بقدر ما يحتاجون إلى خططٍ اقتصاديةٍ تُعيد للدولة هيبتها، وللخبز قيمته، وللكرامة مكانتها.
ختاماً، إن القرار الملكي يستحق الدعم كرسالةٍ لاستعادة النظام، لكنه يجب أن يُفتح البابُ أمام محاسبةٍ حقيقيةٍ لحكومةٍ تُكرّس الفوارق بدل أن تُذيبها. فالشعب الذي قَبِلَ بتأجيل فرحة العيد، له الحقُّ أن يطالبَ بوضع حدٍّ لذبح كرامته اقتصادياً!