الدرهم المغربي يفقد 24٪ من قيمته هل يُنذر بأزمة اقتصادية؟

في العقد الماضي، شهد الدرهم المغربي تراجعًا في قوته الشرائية بنسبة 24%، وهو ما أكدته تقارير من مصادر موثوقة مثل بلومبرج وسي إن بي سي. هذا التراجع يعكس تحديات اقتصادية عالمية وإقليمية، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد المغربي ومقارنته بالاقتصادات المجاورة.


الانخفاض بنسبة 24% في القوة الشرائية للدرهم يعني أن ما كان يُشترى بـ100 درهم في السابق، أصبح الآن يتطلب 124 درهمًا. هذا التغير ليس فريدًا من نوعه للمغرب، فالعملات العالمية مثل الدولار واليورو شهدت أيضًا تراجعًا، ولكن بنسب أقل. الأسباب الرئيسية لهذا التراجع تتمثل في ارتفاع الأسعار والتضخم.


حتى عام 2022، كان التضخم يسير بوتيرة بطيئة، مما جعل الاهتمام الشعبي بالاقتصاد محدودًا، وكان التركيز ينصب على القضايا السياسية والاجتماعية. ومع ذلك، أدت الأزمات الاقتصادية العالمية والإقليمية، مثل النزاع بين روسيا وأوكرانيا والتغيرات التي طرأت اثناء الحجر الصحي *كوفيد* ، إلى تسارع التضخم وزيادة الوعي الاقتصادي بين المغاربة.


عند المقارنة مع الدول المجاورة، نجد أن الليرة التركية خسرت 80% من قيمتها في خمس سنوات، ومصر خسرت 40% من قيمة عملتها في يوم واحد، بينما الجزائر خسرت أكثر من 70% في عشر سنوات. هذه الأرقام تظهر أن المغرب، على الرغم من التحديات، يبقى في وضع أفضل مقارنة بجيرانه.


الدرهم المغربي لم يشهد تراجعًا حادًا مثل العملات الأخرى في المنطقة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود تعويم كامل للعملة. بنك المغرب يحافظ على سيطرته على الدرهم، مما يحد من تقلباته. المغرب بدأ يفكر في التعويم منذ عام 2007، وقد تم تقسيم العملية إلى مراحل تدريجية لتجنب الصدمات الاقتصادية التي شهدتها دول أخرى.

فللحفاض على اموالكم يجب الاستثمار في مجال العقار إذا كانت السياسات العقارية مُعدة بشكل جيد هذا يعني أن الطلب على العقارات سيرتفع، وبالتالي سترتفع الأسعار لاستيعاب هذا الطلب المتزايد دون أن يؤدي إلى فقاعة عقارية. ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين من الاستثمار في العقارات فقط كوسيلة للحفاظ على القيمة، لأن السوق يمكن أن يتغير بسرعة وقد لا يكون الاستثمار آمنًا كما يبدو.

كما وأن الشئ الذي يجب النظر إليه هو الاستثمار في السندات الحكومية أو الشركات الكبرى. هذه السندات توفر عائدًا ثابتًا وهي أقل مخاطرة مقارنة بالأسهم. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى التصنيف الائتماني للجهة المصدرة للسندات ومدى استقرارها المالي.

وكذلك الاستثمار في العملات الأجنبية. يمكن للمغاربة الاحتفاظ بجزء من أموالهم بعملات أخرى مثل الدولار أو اليورو لتقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات الدرهم. ومع ذلك، يجب الحذر من تقلبات أسعار الصرف والتأكد من تنويع الاستثمارات.

أخيرًا، الاستثمار في الأعمال التجارية الخاصة. يمكن للمغاربة الاستثمار في مشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم توفر خدمات أو منتجات ضرورية ولا تعتمد بشكل كبير على الواردات. هذا يمكن أن يساعد في الحفاظ على القيمة الشرائية للأموال ويدعم الاقتصاد المحلي.

في الختام، يجب على المغرب أن يوازن بين الحاجة إلى الإصلاحات الاقتصادية والحفاظ على الاستقرار المالي. التعويم يمكن أن يكون أداة قوية للسياسة النقدية، ولكن يجب أن يتم بحذر وبالتنسيق مع الإصلاحات الاقتصادية الأخرى. وبالنسبة للمواطنين، يجب أن يكونوا واعين بالخيارات المتاحة لهم للحفاظ على قيمة أموالهم وأن يتخذوا قرارات استثمارية مدروسة.

الوضع الاقتصادي المغربي يعكس تحديات مشتركة في المنطقة ولكن بدرجة أقل حدة. الدرهم المغربي، على الرغم من فقدانه لقدرته الشرائية، يظل أقوى نسبيًا مقارنة بعملات المنطقة الأخرى. الإدارة الحكيمة للسياسة النقدية والتعويم التدريجي ساهما في تحقيق استقرار نسبي، ويبقى السؤال المطروح: هل سيستمر هذا الاستقرار في المستقبل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *