بقلم: يونس أقبو.
في خضم غلاء المعيشة وقلة الحيلة، يجد الشباب المغربي أنفسهم مضطرين للبحث عن حلول يائسة للهروب من واقعهم المرير. في الأيام الأخيرة، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لتنفيذ عملية هجرة جماعية من الفنيدق نحو سبتة المحتلة يوم 15 من هذا الشهر. هذه الدعوات تعكس حالة الإحباط واليأس التي يعيشها الشباب المغربي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
كيف لحكومة لم تكمل مدتها على رأس الدولة المغربية أن تدمر أحلام الشباب وتجعلهم يفضلون الموت في البحر على البقاء في وطنهم؟ هل أصبح العيش في مدينة محتلة أكرم من العيش في بلد يديره عزيز أخنوش؟ هذه الأسئلة تعكس حالة الاستياء والغضب التي يشعر بها الكثير من المغاربة تجاه سياسات الحكومة الحالية.
فمنذ تولي حكومة أخنوش السلطة، شهد المغرب ارتفاعًا كبيرًا في تكاليف المعيشة وتدهورًا في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة. وفقًا للمندوبية السامية للتخطيط، بلغ معدل التضخم في المغرب العام الماضي 6.6%، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 11%، والمحروقات بنسبة 42.3%. في أبريل الماضي، ارتفع معدل التضخم إلى 5.9% على أساس سنوي، بعد زيادة 3.9% في مارس السابق له.
ارتفع عدد العاطلين ما بين الربع الأول من 2023 وحتى الربع الأول من 2024 بواقع 96 ألف شخص، 59 ألفا بالوسط الحضري و38 ألفا بالوسط القروي، إلى مليون و645 ألف شخص على المستوى الوطني. وزاد معدل البطالة من 17.1% في الوسط الحضري إلى 17.6% بزيادة 0.5%، ومن 5.7% إلى 6.8% في الوسط القروي بزيادة 1.1%. أسعار المواد الغذائية كانت المساهم الأكبر في ارتفاع التضخم، حيث أضافت المندوبية في نشرتها الشهرية أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت 4.2% فيما زادت أسعار المواد غير الغذائية 0.9%. وذكرت النشرة أن التضخم زاد في يناير/كانون الثاني 0.3% على أساس شهري. وانخفض التضخم السنوي إلى 6.1% في 2023، مقابل 6.6% في 2022، وهي مستويات لم تشهدها البلاد منذ التسعينيات.
تزايدت القيود على حرية التعبير في المغرب، حيث تم اعتقال العديد من النشطاء والصحفيين والمدونين بسبب انتقادهم للفساد والاحتكار. على سبيل المثال لا الحصر، تمت متابعة حميد المهداوي ، مؤسس جريدة ” بديل”. كما تم اعتقال الناشط رضا الطاوجني، بسبب ممارسته لحقه في حرية التعبير قبل أن يتدخل ملك البلاد ويهب معتقلي الرأي حريتهم كتعبير من جلالته على عدم الرضى لما آلة إليه حرية التعبير في المغرب.
في ظل هذه الظروف، لم يجد الشباب المغربي بديلاً سوى الهجرة غير النظامية كحل يائس لتحسين حياتهم. الدعوات للهجرة الجماعية نحو سبتة تعكس حالة اليأس التي يعيشها هؤلاء الشباب، حيث يرون في الهجرة فرصة للهروب من واقعهم المرير. ومع ذلك، فإن هذه المحاولات غالبًا ما تنتهي بمآسي إنسانية، حيث يواجه المهاجرون مخاطر كبيرة أثناء محاولتهم عبور البحر.
إن الوضع الحالي في المغرب يتطلب تدخلًا عاجلاً من الحكومة لمعالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الشباب إلى الهجرة. يجب على الحكومة أن تعمل على تحسين الظروف الاقتصادية وتوفير فرص عمل للشباب، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الأساسية وضمان حرية التعبير. بدون هذه الإصلاحات، ستستمر مأساة الهجرة غير النظامية، وسيظل الشباب المغربي يبحث عن فرص أفضل خارج وطنهم.