المغربية أنفو
بقلم : يونس أقبو
تستمر الاحتجاجات في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا لليوم الرابع على التوالي، حيث اندلعت المواجهات إثر عمليات مداهمة لإدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) ضد المهاجرين غير الشرعيين يوم 7 يونيو، ما أسفر عن اعتقال 56 متظاهرًا حتى الآن. وتصاعدت حدة التوترات مع دخول حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المهاجرين يومها الرابع، وسط رفض قاطع من السلطات المحلية.
شنت ICE في 7 يونيو مداهمة في وسط لوس أنجلوس لتحديد هوية المهاجرين غير الشرعيين، واستخدمت خلالها الغاز المسيل للدموع واعتقلت العشرات. وردّ المحتجون بإغلاق الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات، مما استدعى تدخل الشرطة والنشر المكثف للحرس الوطني لإعادة فرض النظام.
بلغ عدد المعتقلين من المتظاهرين حتى الآن 56 شخصًا، فيما أفادت الشرطة المحلية بإصابة شرطيين خلال المواجهات، جراء رشق حجارة ورذاذ الفلفل.
و قد أصدر الرئيس ترامب أمراً بنشر 2000 من قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس، مما أثار أزمة جديدة مع حاكم الولاية الديمقراطي، غافين نيوسوم، الذي أعلن عزمه مقاضاة الإدارة الفدرالية بوصف القرار “غير قانوني”، وطالب بإلغائه فورًا لاعتدائه على سيادة الولاية.
في مقابلة مع قناة MSNBC، قال نيوسوم:
“ترامب أشعل الحرائق في لوس أنجلوس بتصرفه غير القانوني بنشر الحرس الوطني، الأمر الذي لا يقتصر على كاليفورنيا فحسب بل يتيح له نشر القوات في أي ولاية أخرى.”
كما وصفته رئيسة بلدية لوس أنجلوس، كارين باس، بأن نشر الحرس الوطني “تصعيدٌ فوضوي” يضرب في الصميم هوية المدينة كواحدة من أبرز “مدن الملاذ” التي تعارض التعاون الكامل مع سلطات الهجرة الفيدرالية.
تحتل كاليفورنيا مكانة فريدة داخل الولايات المتحدة، فهي خامس أكبر اقتصاد عالميًا بإنتاج محلي إجمالي يتجاوز أربعة تريليونات دولار، وموطن لأكبر الشركات التكنولوجية (جوجل، آبل، نتفليكس)، ويقطنها أكثر من 39 مليون نسمة. هذه الخصوصية تجعل أي تدخل فدرالي مباشرلها أثراً سياسياً وبواعث تساؤل حول مستقبل التوازن بين العاصمة الفدرالية والسلطات المحلية.
لم تكن هذه الاحتجاجات هي الأولى من نوعها؛ إذ تعود محاولات انفصال كاليفورنيا إلى منتصف القرن التاسع عشر. وفي 2017، أطلق الأمريكي لويس مارينيلي – الذي أمضى فترة في روسيا وعاد لقيادة الحملة انطلاقاً من هناك – مبادرة “نعم لكاليفورنيا” للمطالبة باستقلال الولاية؛ مدعومة بأصوات نظريات مؤامرة تتهم الولايات المتحدة بالتدخلات والهيمنة.
يطرح استمرار الاحتجاجات ورفض السلطات المحلية لسياسات الهجرة الفدرالية سؤالًا حقيقيًا حول مدى تماسك الاتحاد الأمريكي في مواجهة الاختلاف السياسي والاجتماعي العميق بين مركزي القوة في واشنطن وستايت ستريت في كاليفورنيا. فهل يقفل باب الاضطرابات سريعًا بعد احتواء الشارع، أم أننا على مشارف نقاش أعمق حول طبيعة العلاقة بين الحكومة الفدرالية وأكبر ولاية اقتصادية أمريكية؟ الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت هذه الأحداث تمثل مجرد فورة احتجاجية عابرة أم بداية فصل جديد من “التباعد” السياسي.